الناقض السادس : من استهزأ بشي من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر

الناقض السادس: من استهزأ بشي من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر

فإذا استهزأ بالصلاة كفَر، إذا استهزأ بالزكاة كفَر، إذا استهزأ بالصوم كفر، إذا استهزأ بالمصلين أي: سخرية بهذه الصلاة التي يصليها المسلم كفر، أو استهزأ باللحية كفر؛ لأن كراهة اللحية كراهة لما جاء به الإسلام من الأمر بإعفاء اللحية على لسان رسوله كفر، أما إذا سخر من الشخص لذاته أو لشخصه فلا يكفر.

وكذلك إذا استهزأ بالجنة، قال: كيف الجنة؟! الجنة ثواب المؤمنين ! سخر بهذا، أو استهزأ بالنار، قال: النار عقاب للكافرين ! استهزأ بها وسخر، يكفُر والعياذ بالله، أو قلت: من قال لا إله إلا الله غُفرت ذنوبه، مَن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غُفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر فاستهزأ بهذا الثواب سخرية؛ لأنه لم يصح عنده، فإنه يكفر.

فإذا استهزأ بشيء من دين الرسول -عليه الصلاة والسلام- أو استهزأ بالثواب الذي أعدَّه الله للمطيع، أو أعدَّه الله على العمل الصالح، أو العقوبة التي أعدها الله للعاصي، أو للكافر؛ فإنه يكفر، والدليل قول الله -تعالى- في "سورة التوبة": قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ أَثْبَتَ لهم الكفر بعد الإيمان.

وهذه الآية نزلت في جماعة من المجاهدين في غزوة تبوك استهزءوا بالرسول -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه القرّاء كما جاء في الحديث، قال بعضهم لبعض: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء يعنون الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه القراء أرْغَبَ بطونا، ولا أكذبَ ألسنا، ولا أجْبَنَ عند اللقاء!

أي يقولون: ما رأينا منهم في كثرة الأكل، وكذب الحديث، والجُبن عند قتال الأعداء، فسمعها عوف بن مالك سمعهم وهم يتحدثون، فقال للقائل: كذبتَ ولكنك منافق، لأخبرنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليخبره، فلما جاء إليه، وجد الوحي قد سبقه، وأنزل الله هذه الآية: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ .

وجاء هذا الرجل الذي تكلم بهذا الكلام يعتذر للنبي -صلى الله عليه وسلم- ويقول: يا رسول الله، ما لي قصد، إنما تكلمت بكلام نقطع به عنا الطريق. مثلما يقول بعضنا: حكايات نقطع بها عنا الطريق، ما لي قصد يا رسول الله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يزيد سوى أن يتلو عليه هذه الآية: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ .

والرجل متعلق بنسعة ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الحبل الذي في بطن البعير، ورجلاه تخط بالأرض، والحجارة تنكب رجليه، وهو يبالغ في الاعتذار، ويقول: يا رسول الله، ما قصدت، إنما كلام نقطع به عنا الطريق، والرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يزيد سوى أن يقرأ عليه هذه الآية: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فأثبت لهم الكفر بعد الإيمان لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ .

فإذا كان هؤلاء سخروا بالرسول والصحابة، وقالوا: إنهم يأكلون كثيرا، ويكذبون في الحديث، ويجبُنون عند اللقاء، فكيف بمن سخر بدين الرسول -عليه الصلاة والسلام-! فتناول الآية إياهم من باب أولى.

الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي

المصدر : موقع الشيخ :عبد العزيز الراجحي