بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة مختصرة للشيخ للشيخ العلامة محمد بن عبد العزيز آل مانع الحنبلي النجدي
اسمه ونسبه :
هو العلامة الحافظ الفقيه الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله بن محمد بن ابراهيم بن مانع الوهبي التميمي، ولد في عنيزة بنجد سنة ألف وثلاثمائة من الهجرة في بيت علم ودين وورع وتقوى حيث كان والده وجده من علماء عنيزة وقضاتها، أدخله والده في مدرسة تحفيظ القرآن عند بلوغه السابعة، وتوفي والده وهو صغير، استمر في حفظ القرآن بعد ذلك حتى ختمه، ثم شرع في قراءة مبادئ العلوم الشرعية على علماء بلدته.
درس على يد كثير من العلماء في عنيزة منهم الشيخ عبدالله بن محمد بن دخيل، والشيخ صالح العثمان القاضي، والشيخ ابراهيم بن حمد الجاسر. حيث درس عليهم العقيدة والفقه الحنبلي واللغة العربية.
رحلته في طلب العلم :
سافر الشيخ في طلب العلم لعدة جهات حيث خرج من عنيزة إلى بريدة فدرس على علماء بريدة كالشيخ محمد بن عبدالله بن سليم والشيخ ابراهيم بن حمد بن جاسر في الحديث والمصطلح والقرآن ثم سافر إلى بغداد حيث اصتل بالشيخ محمود شكري الآلوسي فقرأ عليه مؤلفات شيخ الاسلام ابن تيمية، وفي المعاني والبديع والبيان كألفية ابن مالك وشرح السيوطي، والعقيدة السفارينية وابن عمه علي بن السيد نعمان الآلوسي فقرأ عليهما في النحو والصرف والفقه والفرائض والحساب، ثم رحل إلى الزبير ودرس على الشيخ محمد العوجان في الفقه الحنبلي والفرائض والحساب.
وقد سافر الشيخ إلى دمشق ولازم علامة الشام جمال الدين القاسمي وسمع عليه صحيح البخاري، كما حضر عند الشيخ بدر الدين محدث الشام في الجامع الأموي، وحضر دروس العلامة البيطار.
حياته العملية :
ترأس الشيخ ابن مانع نادي البحرين الذي أنشأه مقبل بن عبدالرحمن الذكير للرد على النصارى والحملات التبشيرية التي انتشرت في تلك الفترة في أطراف الجزيرة العربية، وفي عام 1915م، طلبه حاكم قطر الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني فولاه القضاء في قطر والتدريس والخطابة، فمضى في هذا العمل لمدة ثلاثاً وعشرين عاماً ارتحل خلالها عدد كبير من الطلاب للدراسة عنده في المدرسة الأثرية من الدول المجاورة. وفي عام 1939م طلبه الملك عبدالعزيز آل سعود فولاه التدريس في المسجد الحرام، ثم عينه رئيساً لثلاث هيئات وهي هيئة تمييز الأحكام الشرعية،
وهيئة الأمر بالمعروف وهيئة الوعظ والإرشاد. ثم في عام 1945م صدر مرسوم ملكي بتعيينه مديراً عاماً للمعارف وأسند إليه رئاسة دار التوحيد، ثم عندما تشكلت وزارة المعارف أصبح مستشاراً لوزيرها برتبة وكيل وزارة حتى عام 1954م حيث طلبه حاكم قطر الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني فأقام فيها وكان هو المستشار للشؤون الدينية، وفي تلك الفترة قامت الحكومة القطرية بطبع عدد كبير من الكتب العلمية تحت إشراف الشيخ وتحقيقه للكثير من الكتب في سائر علوم الشريعة وكانت توزع بالمجان على أهل العلم.
دور ه في تطوير التعليم في قطر :
كان نظام التعليم السائد في قطر شأنه شأن سائر مناطق الخليج قائم على نظام الكتاتيب، وهي عبارة عن شخص متطوع يمسى عادةً "المطوع" أو "الملا" يقوم بتدريس أبناء القرية مبادئ القراءة والكتابة والحساب والقرآن الكريم، وكانت قطر قبل مطلع القرن العشرين أفضل حالاً من باقي إمارات الخليج حيث كثرة الكتاتيب فبلغت في عام 1890م عشرة كتاتيب. كما عرفت مدرسة نظامية هي المدرسة الراشدية التي كانت تدرس العلوم الشرعية على طريقة التدريس في المدارس العثمانية، وكان حظور هذه الكتاتيب عاماً لكل الأطفال من الجنسين حتى سن العاشرة دون تفرقة.
لكن في عام 1913م بعد أن تولى الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني الحكم في قطر، رأى أن الكتاتيب القائمة في البلاد لا تستطيع القيام بواجباتها على خير وجه، فدعا الشيخ محمد بن مانع من البحرين حيث كان يعمل قاضياً بها، وأوكل إليه إنشاء مدرسة في الدوحة، وبالفعل فقد تم افتتاح أول مدرسة أطلق عليها اسم (المدرسة الأثرية) واستمرت هذه المدرسة لمدة خمس وعشرين عاماً، منذ عام 1913 حتى عام 1938م، وكانت الدراسة في هذه المدرسة مخصصة للكبار، ويتكون المنهج الدراسي من المواد الشرعية والفقه واللغة والبلاغة والأدب. وانتهى دور المدرسة بعد أن انتقل الشيخ ابن مانع للعمل في السعودية كمستشار ديني للملك عبدالعزيز آل سعود.
وقد حظيت المدرسة الأثرية بالرعاية الكاملة من الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني، وقد كانت المدرسة تشجع الطلاب على البحث والدراسة من خلال طريقة حل المشكلات، حيث كان الشيخ يطرح على طلابه مسائل علمية في مجال علوم الدين او اللغة ويطلب منهم البحث عنها في الكتب والمراجع فيبدأ الطلاب بجمع المعلومات ثم يقوم الشيخ بطرح ما جمع من المعلومات وعرضها للمناقشة والتحليل والتعليق حتى يصل مع طلابه إلى معرفة أطراف المشكلة وطريقة حلها، بهذه الطريقة تخرج على يديه طلبة مؤهلين للتدريس من بعده وكان يدربهم كذلك على إلقاء خطب الجمعة والدروس، كما حرص على توفير المراجع والكتب الهامة لطلابه بتكوين مكتبة في المدرسة احتوت على عدد كبير من الكتب جمعها من أو اشتراها من المتبرعين وأهل الخير.
وكان للشيخ ابن مانع دور في السماح للنساء بالتعليم في قطر، حيث أن افتتاح أول مدرسة للبنات في قطر لقي معارضة من معظم العائلات القطرية التي رفضت السماح لبناتها بالذهاب للمدرسة للتعليم، فأصدر الشيخ ابن مانع فتوى موجهة للشيخ علي بن عبدالله آل ثاني حاكم قطر يؤيد فيها تعليم البنات وأن هذا لا يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي.
آثاره العلمية (مؤلفاته وتحقيقاته) :
للشيخ رحمه الله العديد من المؤلفات والتحقيقات والتعليقات والحواشي على كتب العقيدة والفقه ومازال بعضها مخطوطاً، ومن أهم الكتب التي قام الشيخ بتأليفها :
- اقامة الدليل والبرهان بتحريم الإجارة على قراءة القرآن.
- تحقيق النظر في أخبار المهدي المنتظر.
- إرشاد الطلاب إلى فضيلة العلم والعمل والآداب.
- سبيل الهدى شرح شواهد قطر الندى.
- الكواكب الدرية شرح الدرة المضية في عقيدة أهل الفرقة المرضية.
- جامع المناسك الثلاثة الحنبلية.
- مختصر عنوان المجد في تاريخ نجد.
- القول السديد فيما يجب لله على العبيد وغيرها.
كما قام رحمه الله بتحقيق والتعليق على كثير من الكتب، حيث اهتم بالتعليق على رسائل الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وغيرها من كتب العقيدة السلفية والفقه الحنبلي ومنها :
- حاشية على العقيدة الطحاوية.
- حاشية على رسالة المذهب الأحمد في مهذب الإمام أحمد.
- حاشية على دليل الطالب في الفقه الحنبلي.
- حاشية على عمدة الفقه لإبن قدامه المقدسي.
تلاميذه :
درّس الشيخ خلال تنقله في دول المنطقة عدد كبير من الطلاب الذين لازموه سواءً في بلده عنيزة أو في البحرين أو بعد ذلك في قطر، ومن أبرز تلامذته :
- الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي، علاّمة القصيم وصاحب التفسير المعروف.
- الشيخ عثمان بن صالح القاضي.
- الشيخ محمد بن عبدالله بن مانع. وهو ابن عمّه.
- الشيخ عبدالله بن عمر بن دهيش، رئيس المحكمة الكبرى بمكة.
- الشيخ عبدالله بن زيد المحمود رحمه الله، رئيس محاكم قطر.
- الشيخ عبدالله بن ابراهيم الأنصاري رحمه الله مدير الشؤون الدينية في قطر.
- الشيخ عبدالعزيز بن حسن بن عبدالله آل الشيخ الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف في المملكة العربية السعودية، و كثيرغيرهم.
مرضه ووفاته :
أصيب الشيخ بمرض "البروتستاتا" بعد أن جاوز عمره الرابعة والثمانين، سافر إلى بيروت لإجراء عملية جراحية وقد توفي عقب العملية بالمستشفى يوم الخميس 14 رجب 1385هـ الموافق 7 نوفمبر 1965م، وقد صلي على جثمانه في بيروت، ثم نقل إلى الدوحة حيث صلّي عليه بجامع الشيوخ يوم السبت وقد صلى عليه جمع غفير من قطر والسعودية على رأسهم حاكم قطر وولي عهده، ودفن في المقبرة الشرقية بالدوحة، كما صلّي عليه في الحرمين الشريفين بالسعودية.
ترك الشيخ ثلاثة أبناء ذكور، أكبرهم "عبدالعزيز" الذي تتلمذ على يد والده وهو فقيه ومؤرخ كان يحب جمع المخطوطات، وعمل مديراً لمكتب وزير المعارف في المملكة العربية السعودية ثم رجع إلى قطر مع والده. و"عبدالرحمن" وهو فقيه شغال منصب مدير كلية الشريعة بمكة وكان يؤم المصلين في الجامع الكبير في الدوحة، وابنه "أحمد" وهو باحث له اهتمام بالمخطوطات النادرة عمل كمستشار ثقافي في السفارة السعودية بالقاهرة ويقيم في المملكة العربية السعودية.