الإمام العالم الحافظ المجود شيخ السنة ، أبو نصر ; عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد ، الوائلي البكري السـجستاني ، شيخ الحرم ، ومصنف "الإبانة الكبرى" في أن القرآن غير مخلوق ، وهو مجلد كبير دال على سعة علم الرجل بفن الأثر .
طلب الحديث في حدود الأربع مائة ، وسمع بالحجاز والشام والعراق وخراسان من : أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي ، وأبي أحمد الفرضي ، والحافظ أبي عبد الله الحاكم ، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الصلت المجبر ، وأبي عمر بن مهدي الفارسي ، وعلي بن عبد الرحيم السوسي ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، وعبد الصمد بن أبي جرادة الحلبي ; حدثه عن أبي سعيد بن الأعرابي ، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي ، ومحمد بن محمد بن محمد بن بكر الهزاني ، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس المصري ، وأمم سواهم .
حدث عنه : الحافظ أبو إسحاق الحبال ، وسهل بن بشر الإسفراييني ، وأبو معشر الطبري المقرئ ، وإسماعيل بن الحسن العلوي ، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف ، وجعفر بن يحيى الحكاك ، وجعفر بن أحمد السراج ، وخلق .
وهو راوي الحديث المسلسل بالأولية . قال محمد بن طاهر : سألت الحافظ أبا إسحاق الحبال عن أبي نصر السجزي ، وأبي عبد الله الصوري ، أيهما أحفظ ؟ فقال : كان السجزي أحفظ من خمسين مثل الصوري . ثم قال إسحاق : كنت يوما عند أبي نصر السجزي ، فدق الباب ، فقمت ففتحت ، فدخلت امرأة ، وأخرجت كيسا فيه ألف دينار ، فوضعته بين يدي الشيخ ، وقالت : أنفقها كما ترى! قال : ما المقصود ؟ قالت : تتزوجني ولا حاجة لي في الزوج ، لكن لأخدمك .
فأمرها بأخذ الكيس ، وأن تنصرف ، فلما انصرفت ، قال : خرجت من سجستان بنية طلب العلم ، ومتى تزوجت ، سقط عني هذا الاسم ، وما أوثر على ثواب طلب العلم شيئا . قلت : كأنه يريد متى تزوج للذَّهب ، نقص أجره ، وإلا فلو تزوج في الجملة ، لكان أفضل ، ولما قدح ذلك في طلبه العلم ، بل يكون قد عمل بمقتضى العلم ، لكنه كان غريبا ، فخاف العَيْلة ، وأن يتفرق عليه حاله عن الطلب .
قال أبو نصر السِّجْزِيّ في كتاب "الإبانة": وأَئِمَّتُنَا كسفيان ، ومالك ، والحمّادَيْن ، وابن عيينة ، والفضيل ، وابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، مُتَّفِقونَ على أن الله سبحانه فوق العرش ، وعلمه بكل مكان ، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا ، وأنه يغضب ويرضى ، ويتكلم بما شاء .
توفي أبو نصر بمكة ، في المحرم سنة أربع وأربعين وأربع مائة .